تشير التوقعات الاقتصادية القصيرة والمتوسطة المدى لمصر تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي، مع انخفاض التوقعات التي وضعها البنك الدولي لعام 2015-2016 من 4.5% إلى 3.8% ما يعكس محدودية النشاط التجاري ونقص النقد الأجنبي وتراجع قطاع السياحة، وذلك وفقا للتقرير الصادر عن شركة الاستشارات العقارية العالمية CBRE كجزء من تقريرها “نظرة على سوق القاهرة” للربع الرابع من 2015.
وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية الراهنة، استمر المستثمرون وشركات التطوير العقاري من دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها في إظهار قدر ملموس من الاهتمام بسوق التجزئة في مصر، حيث تجاوز إجمالي معروض مساحات التجزئة الإقليمية في القاهرة المليون متر مربع خلال عام 2015، بزيادة قدرها 20% على أساس سنوي.
مات غرين، رئيس البحوث والاستشارات في CBRE الشرق الأوسط، قالت “ينظر المستثمرون إلى قطاع التجزئة كمحرك رئيسي للنمو، مع إمكانات مستقبلية للتوسع، وازدهار الطلب بفضل القاعدة السكانية الشابة، حيث يمثل الشباب تحت سن 30 حوالي 60% من إجمالي سكان مصر. ويُعد ظهور طبقة وسطى أكثر ثراء والقبول المتزايد لمفاهيم التجزئة الحديثة أيضا من العوامل الرئيسية وراء هذا النمو. وعند وضع ذلك في الاعتبار، من المتوقع دخول مليون متر مربع من مساحات التجزئة الإضافية خلال الثلاث سنوات القادمة لمضاعفة المعروض الحالي”.
ويبلغ متوسط إيجارات مساحات التجزئة في الوقت الراهن حوالي 1400 دولار للمتر المربع الواحد، مع توقع استقراره طوال عام 2016.
ويسلط تقرير CBRE الضوء على أن التركيبة السكانية في مصر لا تزال أحد العوامل الرئيسية لتحفيز القطاع السكني، مع كون أكثر من نصف السكان تحت سن 25 عام. كما أن الزيادة الأخيرة في أعداد الزواج لعبت دوراً في تعزيز الطلب على المساكن.
وتشير التقديرات إلى أن عجز العرض عن تلبية الطلب كان كبيراً خلال عام 2015 مسجلاً عجزاً بنحو 125 ألف وحدة سكنية، حيث وصل الطلب عبر جميع فئات الدخل في المدينة إلى 225 ألف وحدة.
ويمثل هذا الرقم إلى حد كبير متطلبات سكن المجموعات ذات الدخل المنخفض، التي تشكل 51% من المجموع الكلي، بينما شكل الطلب الناجم من مجموعات الدخل العالي نسبة أقل بكثير عند 9% فقط من المجموع.
وقال غرين “شهدت معدلات الإيجار للشقق المتوسطة والراقية في مدينة القاهرة الجديدة نموا مطردا مع تسعير وحدة الغرفتين عند 1225 دولار شهريا أواخر عام 2015، ما يمثل زيادة نسبتها 4.75% عن العام السابق. وفي المقابل، كان متوسط إيجارات الشقق المعروضة في مدينة 6 من أكتوبر أقل بكثير، مع استمرار التباين التقليدي بين المدينتين الذي بلغ -30% إلى -40% منذ عام 2012”.
وفي المتوسط، بلغ سعر شقة من غرفتي نوم في مدينة 6 من أكتوبر 715 دولار شهريا في عام 2015، مسجلاً تراجعاً بنحو 10% هذا العام.
لكن التباين بين المدينتين في سوق إيجارات الفلل كان أقل شدة، وإن بقيت مدينة القاهرة الجديدة الأكثر تكلفة. وقد ارتفعت إيجارات الفلل المكونة من ثلاثة غرف نوم في القاهرة الجديدة على أساس سنوي منذ عام 2013 لتصل الآن إلى 3380 دولار شهريا، وهو ما يمثل زيادة بمعدل 4% على أساس سنوي. في حين وصل متوسط إيجارات الفلل من ثلاث غرف نوم في 6 من أكتوبر إلى 2500 دولار شهرياً.
ومن حيث القيمة الشرائية، لا يوجد سوى اختلاف طفيف في أسعار الشقق بين مدينة القاهرة الجديدة و6 من أكتوبر، مع وصول معدلات عام 2015 إلى 1225 دولار و1190 للمتر المربع الواحد على التوالي.
لكن الوضع مختلف تماماً عند النظر في أسعار بيع الفلل، حيث تباينت الأسعار بين مدينة القاهرة الجديدة و6 من أكتوبر بما يقترب من 100% في عام 2015. وكانت مدينة القاهرة الجديدة المكان الأغلى لشراء الفلل المكونة من ثلاث غرف نوم مع متوسط وصل إلى 2560 دولار للمتر المربع الواحد. ولا تزال أسعار الفلل -على أساس المتر المربع- أكثر تكلفة من الشقق، وتصل غالبا إلى ضعف معدلات الشقق.
وتستمر المكاتب التجارية من الدرجة الأولى في النمو في المواقع المجاورة الرئيسية شرق وغرب القاهرة، مع إجمالي معروض وصل إلى حوالي 960 ألف متر مربع أواخر 2015.
وبدأت التطويرات الجديدة في تلبية معايير وتوقعات الشاغلين الدوليين، وخاصة في المناطق التجارية في مدينة القاهرة الجديدة، التي يقع فيها حاليا قرابة 40% من إجمالي المعروض.
وأضاف غرين “من المقرر دخول 600 ألف متر مربع فقط من المعروض المكتبي الجديد خلال الأشهر الـ 18 الى 24 القادمة. ومع ذلك، هناك كمية كبيرة من المساحات المتوقع دخولها للسوق خلال عام 2018 في حال الالتزام بالجداول الزمنية المخطط لها”.
ولا يزال متوسط إيجارات المشاريع الرائدة مستقرا، متراوحاً بين 260 – 310 دولار للمتر المربع سنوياً في مدينة القاهرة الجديدة، بينما حققت المباني الرئيسية في وسط القاهرة المطلة على نهر النيل ما يصل إلى 420 دولار للمتر المربع الواحد. ولا تزال الإيجارات في مدينة 6 من أكتوبر هي الأقل عند حوالي 215 دولار للمتر المربع.
وارتفعت معدلات الشواغر لجميع فئات المكاتب (الأولى إلى الثالثة) في عام 2015 إلى ما يقرب من 33%، وهو معدل ارتفع بشكل مطرد منذ عام 2012.
واختتم غرين، قائلا “مع تباطؤ حجم المعروض الجديد الداخل إلى السوق في عام 2016، من المتوقع أن تنخفض معدلات الشواغر بشكل هامشي، مع بدء الطلب باستيعاب المساحات الجديدة في المباني المكتملة حديثا”.
الان