شارك البنك الأفريقي للتنمية في أعمال المؤتمر السادس لمنظمة المرأة العربية بالقاهرة والذي أقيم على مدار يومين في القاهرة، ونظم مائدة مستديرة بالمشاركة مع منظمة المرأة العربية تحت عنوان “دور سيدات الأعمال في تحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة” أدارها الإعلامي حافظ المرازي، بحضور نحو 60 شخصاً يمثلون كبرى جمعيات الأعمال إلى جانب رائدات الأعمال في الوطن العربي.
وتأتي هذه الدائرة المستديرة التي أطلقتها السفيرة ميرفت التلاوي المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية، والدكتورة ليلي المقدمالممثل المقيم للبنك الأفريقي للتنمية في مصر، تأكيداً على أهمية التمكين الاقتصادي للمرأة لمساعدتها في أداء دور أكبر في تنمية مجتمعاتها ودولها.
وخلال الكلمة الافتتاحية للمائدة، أشارت السفيرة مرفت تلاوي إلى اهتمام المنظمة بالتعاون مع بنك التنمية الأفريقي لما لمسته المنظمة من جدية من تلك المؤسسة الهامة بالنهوض بالمرأة اقتصاديا على المستوى الأفريقي. وأكدت أن تنظيم هذه الفعالية إنما يأتي في إطار برنامج المنظمة لدعم المرأة في مجال ريادة الأعمال حيث تؤمن بأن التمكين الاقتصادي ينعكس على نمو الاقتصاد القومي، كما ينعكس على تحقيق استقرار الأسر العربية، كما ينعكس على قدرة المرأة على تحقيق الاكتفاء وتحقيق الذات.
ولفتت إلى أن الهدف الأساسي هو التوصل لرسائل محددة تساهم في تحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة، موضحة أنه حين نتحدث عن التمكين الاقتصادي للمرأة، فإننا لا نتحدث عن قضية منفصلة عن قضايا المجتمع ولا نتحدث عن قضية خاصة بفئة دون غيرها. وأكدت أن هذه المائدة سوف تمثل نواة لفعاليات مستقبلية توثق علاقة المنظمة في مجال ريادة الأعمال.
وتلاها د.ليلى المقدم التي تحدثت عن جهود البنك في تحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة في منطقة شمال أفريقيا وجميع أنحاء القارة الأفريقية، وصرحت: “تُشكّل المرأة نصف عدد سكان القارة الأفريقية تقريباً، وبالرغم من ذلك، لم تحصل المرأة الأفريقية على التمكين الاقتصادي الذي تستحقه مقارنة بالرجل”.
وأضافت “أن عدم تمكين المرأة الأفريقية يمثل فرصة ضائعة لكل الدول الأفريقية، خاصة في مجالات خلق الوظائف الجديدة، وتحقيق التنمية الاقتصادية، وتحسين مستوى المعيشة. ولذلك قام البنك الأفريقي للتنمية بوضع استراتيجية للمساواة بين الجنسين لتوجيه جهود البنك في الدول الأعضاء به في مجال التمكين الاقتصادي للمرأة”.
واستعرضت جيهان السُكّري، مسئول أول التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبنك الأفريقي للتنمية، الدراسة التي أعدها البنك تحت عنوان “المرأة والشركات الصغيرة والمتوسطة في شمال أفريقيا “، وهي الدراسة التي تعكس جهود البنك في هذا المجال.
وذكرت السُكري أنّ نسبة الشركات الكبيرة في المنطقة التي تمتلكها أو تديرها سيدات أكثر من أي منطقة أخرى في العالم، إلا أن نسبة الشركات المتوسطة والصغيرة التي تمتلكها أو تديرها سيدات أقل من النسب العالمية”، مضيفة “هناك العديد من المعوقات التي تحوُل دون قيام المرأة بامتلاك و/ أو إدارة مشروعها الصغير والمتوسط، بما يتطلب تدابير محددة لمواجهة هذه المعوقات”.
الجدير بالذكر أن الدراسة تشير أيضاً إلى أنّ المشروعات التي تمتلكها وتديرها سيدات تمنح فرص عمل أكثر للسيدات، بما يعني ضرورة تشجيع مثل هذا النوع من الشركات في منطقة شمال أفريقيا.
وتقول د.ليلى المقدم “لا يدخر البنك الأفريقي للتنمية أي جهد في دعم وتمكين المرأة اقتصادياً، وهو ما تعكسه المبادرات والبرامج التي يقوم البنك بتمويلها في الدول الأفريقية، بما فيها مصر ومنطقة شمال أفريقيا. إننا نثق تماماً في قدرة المرأة على تأسيس وإدارة مشروع ناجح ومربح يساعد على التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل وتحسين أوضاع المجتمع ككل”.
وتابعت “ولعل من أبرز المبادرات التي قمنا بتمويلها في مصر مشروع التنمية الزراعية والاقتصاد الريفي بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية. وكان من أهداف هذا المشروع تحسين الظروف المعيشية ورفع المستوى الاقتصادي للمرأة والرجل المصري في الريف، عن طريق تمويل أنشطة التصنيع الزراعي التي يمارسونها”.
وتضمنت أعمال المائدة المستديرة جلستين رئيسيتين، تناولت أولاهما قصص نجاح عدد من سيدات الأعمال، مع مناقشة أهم التحديات التي تمكن من مواجهتها والتغلب عليها، أما الجلسة الثانية فقد تناولت جهود جمعيات الأعمال في منطقة شمال أفريقيا والعالم العربي لتمكين المرأة اقتصادياً.
ومن بين قصص النجاح التي تم استعراضها قصة أميرة حداد من المنيا بالصعيد المصري، التي تمكنت في أقل من 10 سنوات من أن تصبح سيدة أعمال ناجحة في مجال توزيع وتسويق التقاوي الزراعية والسماد. وباعتبارها وكيلاً لكبرى شركات التقاوي المحلية والعالمية، تمكنت حداد من تنمية حجم أعمالها بشكل استثنائي بما أتاح لها توظيف المزيد من مواطني قريتها والمساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي وتحسين مستوى معيشتها هي وأسرتها ومجتمعها. وكانت أميرة حداد احدى المستفيدات من مشروعات البنك الأفريقي للتنمية في مصر.
ومن النماذج الأخرى التي تم استعراضها، تجربة د. هند الشربيني، التي بدأت حياتها العملية كصاحبة لسلسلة من معامل التحاليل الطبية، وبعد نجاح مشروعها ونتائجه المميزة، تم ادماج شركتها مع شركة عالمية في استثمارات كبيرة وهي الآن المدير التنفيذي للكيان الجديد للشركة إنتجريتد دياجنوستيكس هولدينجز بي إل سي.
قصة نجاح أخرى هي لـ نيفين الطاهري، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة دلتا القابضة للاستثمارات المالية، حيث تملك من الخبرة سنوات في مجال الصرافة والاستثمار، وهي الآن تدعم رواد الأعمال من الشباب والإناث من خلال توجيههم وتوفير التمويل الأوليّ لهم
ويركز المؤتمر السادس لمنظمة المرأة العربية هذا العام، الذي يُعقد تحت رعاية وبرئاسة السيدة الأولى للعراق، على دور النساء في الدول العربية ومسارات الاصلاح والتغيير، من خلال التعريف بدور المرأة في بناء المجتمع، والدعوة لتعزيز هذا الدور وتبني ثقافة مجتمعية جديدة تحترم المرأة العربية، مع دمجها في النظم والهياكل الجديدة للإصلاح والتغيير، وأخيراً مواجهة التحديات الحالية التي تقف في طريقها.
بالنسبة للبنك الأفريقي للتنمية، فإن التمكين الاقتصادي للمرأة هو هدف عام يشمل الأولويات التشغيلية الخمس الأساسية للبنك، وهي الاكتفاء الذاتي في الغذاء، إمداد الدول بالبنية التحتية اللازمة لتوفير الكهرباء عبر القارة السمراء، النهوض بالصناعة في أفريقيا، التكامل بين الدول الأفريقية، وتحسين سبل المعيشة للمواطن الأفريقي.
ومن أجل تعزيز تمكين المرأة، وضع البنك استراتيجية تعتمد على 3 محاور، أولها الوضع القانوني للسيدات وحقوق التملك الخاصة بهن كأساس للتنمية الشاملة والمساواة بين الجنسين، حيث يعزز البنك الحوكمة الاجتماعية والإصلاحات القانونية وتملُّك السيدات المزارعات للأراضي بشكل آمن، ودعم القطاع الخاص ومناخ الأعمال. أما ثاني هذه المحاور فيتمثل في التمكين الاقتصادي للمرأة وزيادة قدرتها في الحصول على الموارد والخدمات المالية وغير المالية ودعم البنية التحتية للمساواة بين الجنسين وتعزيز العمل الجاد لصالح النساء والمشروعات التجارية المملوكة لهن وزيادة إنتاجية السيدات المزارعات وتسهيل دخولهن السوق وتزويدهن بالتدريب العملي والتكنولوجي.
أما ثالث محاور هذه الاستراتيجية فيركز على إدارة المعرفة وبناء القدرات، عن طريق توفير الموارد والمساعدات الفنية لرفع درجة الوعي بضرورة المساواة بين الجنسين في العمل وتحسين النتائج المتعلقة بالنوع الاجتماعي، ودعم البلدان الأعضاء في المنطقة لنشر ثقافة المساواة ودمجها ضمن السياسات والبرامج التنموية المختلفة.
واختتمت المقدم “تواجه المرأة في منطقتنا تحديات عديدة، منها التحديات الاقتصادية، وغير ذلك التحديات المرتبطة بالتقاليد الخاطئة ونظرة المجتمع لها. إنّ المساواة بين الجنسين من أهم قواعد الاقتصاد الحر، كما يمثل خطوة هامة في سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، حيث ستحسّن الإنتاجية وتزيد من النمو الاقتصادي وتُوجد فرص العمل وتعزز توزيع الثروات والعدالة الاجتماعية”.